حديث رقم - من كتاب شرح معاني الآثار للطحاوي - كِتَابُ الطَّهَارَةِ

نص الحديث

230 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ ، قَالَ : ثنا جُوَيْرِيَةُ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : إِذَا خَلَفَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، قَالَ : ثنا : مُسَدَّدٌ ، قَالَ : ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ زِرٍّ ، عَنْ عَلِيٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَقَدْ ثَبَتَ بِهَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا , صِحَّةَ قَوْلِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ . فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ . وَأَمَّا وَجْهُهُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِنَّا رَأَيْنَاهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ الْجِمَاعَ فِي الْفَرْجِ الَّذِي لَا إِنْزَالَ مَعَهُ حَدَثٌ . فَقَالَ قَوْمٌ : هُوَ أَغْلَظُ الْأَحْدَاثِ , فَأَوْجَبُوا فِيهِ أَغْلَظَ الطَّهَارَاتِ , وَهُوَ الْغُسْلُ . وَقَالَ قَوْمٌ : هُوَ كَأَخَفِّ الْأَحْدَاثِ , فَأَوْجَبُوا فِيهِ أَخَفَّ الطَّهَارَاتِ , وَهُوَ الْوُضُوءُ . فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ إِلَى الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ : هَلْ هُوَ أَغْلَظُ الْأَشْيَاءِ فَنُوجِبُ فِيهِ أَغْلَظَ مَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا أَشْيَاءَ يُوجِبُهَا الْجِمَاعُ , وَهُوَ فَسَادُ الصِّيَامِ وَالْحَجِّ , فَكَانَ ذَلِكَ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِنْزَالٌ , وَيُوجِبُ ذَلِكَ فِي الْحَجِّ , الدَّمَ , وَقَضَاءَ الْحَجِّ , وَيُوجِبُ فِي الصِّيَامِ , الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ , فِي قَوْلِ مَنْ يُوجِبُهَا . وَلَوْ كَانَ جَامَعَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ , وَجَبَ عَلَيْهِ فِي الْحَجِّ دَمٌ فَقَطْ , وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِي الصِّيَامِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُنْزِلَ , وَكُلُّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ فِي حَجِّهِ وَصِيَامِهِ , وَكَانَ مَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ حُدَّ , وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ شُبْهَةٍ , فَسَقَطَ بِهَا الْحَدُّ عَنْهُ , وَجَبَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ . وَكَانَ لَوْ جَامَعَهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ , لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ حَدٌّ وَلَا مَهْرٌ , وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ إِذَا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ شُبْهَةٌ . وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ فَجَامَعَهَا جِمَاعًا لَا خَلْوَةَ مَعَهُ فِي الْفَرْجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا , كَانَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ , وَوَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَأَحَلَّهَا ذَلِكَ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ . وَلَوْ جَامَعَهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ لَمْ يَجِبْ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِ شَيْءٌ , وَكَانَ عَلَيْهِ فِي الطَّلَاقِ نِصْفُ الْمَهْرِ , إِنْ كَانَ سَمَّى لَهَا مَهْرًا , أَوِ الْمُتْعَةُ إِذَا لَمْ يَكُنْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا . فَكَانَ يَجِبُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي وَصَفْنَا , الَّتِي لَا إِنْزَالَ مَعَهَا أَغْلَظُ مَا يَجِبُ فِي الْجِمَاعِ الَّذِي مَعَهُ الْإِنْزَالُ , مِنَ الْحُدُودِ وَالْمُهُورِ , وَغَيْرِ ذَلِكَ . فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ , أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ , هُوَ فِي حُكْمِ الْأَحْدَاثِ , أَغْلَظُ الْأَحْدَاثِ , وَيَجِبُ فِيهِ أَغْلَظُ مَا يَجِبُ فِي الْأَحْدَاثِ , وَهُوَ الْغُسْلُ . وَحُجَّةٌ أُخْرَى فِي ذَلِكَ , أَنَّا رَأَيْنَا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي وَجَبَتْ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ , فَإِذَا كَانَ بَعْدَهَا الْإِنْزَالُ لَمْ يَجِبْ بِالْإِنْزَالِ حُكْمٌ ثَانٍ , وَإِنَّمَا الْحُكْمُ لِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ جَامَعَ امْرَأَةً جِمَاعَ زِنَاءٍ , فَالْتَقَى خِتَانَاهُمَا , وَجَبَ الْحَدُّ عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ , وَلَوْ أَقَامَ عَلَيْهِمَا حَتَّى أَنْزَلَ لَمْ يَجِبْ بِذَلِكَ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ , غَيْرُ الْحَدِّ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ , وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْجِمَاعُ عَلَى وَجْهِ شُبْهَةٍ , فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ , ثُمَّ أَقَامَ عَلَيْهَا حَتَّى أَنْزَلَ , لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْإِنْزَالِ شَيْءٌ , بَعْدَمَا وَجَبَ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَكَانَ مَا يُحْكَمُ بِهِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى مَنْ جَامَعَ فَأَنْزَلَ , هُوَ مَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِ إِذَا جَامَعَ وَلَمْ يُنْزِلْ , وَكَانَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ هُوَ لِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ لَا لِلْإِنْزَالِ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَهُ . فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ , أَنْ يَكُونَ الْغُسْلُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى مَنْ جَامَعَ وَأَنْزَلَ , هُوَ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ لَا بِالْإِنْزَالِ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَهُ . فَثَبَتَ بِذَلِكَ قَوْلُ الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّ الْجِمَاعَ يُوجِبُ الْغُسْلَ , كَانَ مَعَهُ إِنْزَالٌ , أَوْ لَمْ يَكُنْ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ , وَعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى . وَحُجَّةٌ أُخْرَى فِي ذَلِكَ *

اختر أحد أحاديث التخريج لعرضه هنا

اختر طريقة التخريج المناسبة لك :